ترمب 2024- أمريكا أولاً، سياسات غير متوقعة، والشرق الأوسط في الميزان.
المؤلف: أسامة يماني08.19.2025

الرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا، والذي حقق نصرًا ساحقًا، سيذهل العالم بأسره، وكذلك الداخل الأمريكي، بتوجهاته السياسية الداخلية والخارجية المغايرة. إن ترمب عام 2024 ليس هو ترمب الذي ظفر بانتخابات عام 2016. ففي ذلك الوقت، كان ترمب رجل أعمال ناجحًا، ومنتجًا متميزًا، وشخصية تلفزيونية بارزة من مدينة نيويورك الصاخبة، قبل أن ينتصر في سباق الرئاسة الأمريكية عام 2016. أما ترمب اليوم، في عام 2024، فهو سياسي محنك، اكتسب خبرة واسعة من خلال ولايته الرئاسية السابقة، والأحداث السياسية المتلاحقة، والمناورات الذكية، والحرب الشرسة التي خاضها بعزيمة وإصرار لا يلين، والتي كانت تهدف إلى إقصائه من التنافس على الرئاسة.
تؤكد جميع الدلائل أن الرجل قد تغير تبدلًا كبيرًا عما عرفناه خلال ولايته السابقة. فقد نضجت ميوله السياسية، وتعمقت قناعاته، وتبلورت مفاهيمه. فالرئيس ترمب لا يسعى فقط لإعادة انتخابه لفترة رئاسية أخرى، بل يركز برنامجه السياسي بشكل أساسي على شعار "أمريكا أولاً". وهذا يعني أن أمريكا لن تكون ملزمة بالتقيد بالقانون الدولي أو بالاتفاقيات الدولية التي قد تؤثر سلبًا على مصالحها، طالما أنها لا تحقق فائدة آنية وفورية لأمريكا، حتى لو كانت هذه الاتفاقيات تحمل في طياتها منافع مستقبلية محتملة.
يقودنا المنطق السياسي الرصين إلى استنتاج مفاده أنه لا يمكن فهم سياسات أي رئيس أمريكي بمعزل عن المدارس الفكرية للسياسة الخارجية الأمريكية الراسخة، والتي تستند إليها السياسات الأمريكية وتتحرك في فلكها. فهذه المدارس الفكرية الأربع المعروفة ترسم الخطوط العريضة للسياسات الأمريكية الخارجية. وقد سبق لي أن أشرت إليها بالتفصيل في مقال سابق بعنوان "السياسة الأمريكية".
لقد ظهر الرئيس المنتخب دونالد ترمب في ولايته الأولى وخلفه صورة الرئيس الأمريكي الراحل جاكسون، صاحب المدرسة الجاكسونية التي ترفض أفكار مدرسة هاملتون ومدرسة جيفرسون، وتميل نسبيًا إلى مدرسة ويلسون مع بعض الاختلافات الجوهرية. وتركز المدرسة المدرسة الجاكسونية على فكرة الانعزال والاهتمام بالمواطن الأمريكي الأبيض البروتستانتي، وتؤمن بعلاقات دولية تحقق مصالح الشعب الأمريكي أولًا، وتدعو إلى استخدام القوة المفرطة، وتحارب الهجرة والقيود الدولية، وتسعى إلى إقامة علاقات دولية تعود بالنفع على أمريكا دون الانخراط في تحالفات طويلة الأمد أو إيجاد حلفاء دائمين. لهذا، أرى أن الرئيس المنتخب في ولايته الثانية سيكون أكثر ميلًا والتزامًا بالمدرسة الجاكسونية.
يصعب التكهن بقرارات الرئيس ترمب، لأن ذلك يخدم مصالحه وسياساته التي يتبناها، ويجعل خصومه وأصدقاءه على حد سواء في حيرة دائمة من أمره. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخطاب الشعبوي الذي يعتمده الرئيس ترمب غير مرحب به لدى الأكاديميين والسياسيين التقليديين، إلا أنه خطاب فعال للغاية، وهو أحد الأسباب الرئيسية التي ساهمت في نجاحه في الانتخابات.
إن المتفائلين بقدرة ترمب على إيجاد حلول لمشاكل منطقة الشرق الأوسط بالشكل الذي تطمح إليه شعوب المنطقة بحاجة ماسة إلى مراجعة دقيقة للعقيدة الجاكسونية التي يؤمن بها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. وعليهم أن يسألوا أنفسهم سؤالًا جوهريًا: ما هو السبب الذي قد يدفع الرئيس ترمب إلى تغيير قناعته الشخصية الراسخة بأمن دولة إسرائيل وتوسعها، سواء في الجولان أو في الضفة الغربية، وهو الذي اعترف بالقدس عاصمة للكيان المحتل في ولايته السابقة؟ فالكيان الصهيوني يمثل امتدادًا للنفوذ الأمريكي في المنطقة، ويدعم بقوة خطة أمريكا في إضعاف دول المنطقة والسيطرة على مقدراتها وثرواتها.
إن ترمب، المنتصر الأكبر في الانتخابات، والذي يحظى بدعم أغلبية ساحقة من حزبه في كلا مجلسي الكونجرس (النواب والشيوخ)، قادم بفريق عمل يثير الجدل والانقسام. كما أن موضوع إرثه السياسي يظل مثارًا للجدل والانقسام، ويعتمد بشكل كبير على المنظور الشخصي والأيديولوجيات السياسية لكل فرد، سواء فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، أو التعامل مع قضية الهجرة، أو أسلوب التواصل والشعبوية. ويبدو أن النجاح الظاهر الوحيد الذي حققه يكمن في التعيينات القضائية لثلاثة قضاة محافظين في المحكمة العليا الأمريكية، مما أعطى المحكمة توجهًا محافظًا قد يستمر لسنوات قادمة.
إن بوليصة التأمين الحقيقية للمنطقة تكمن في إظهار حجم الخسائر الاقتصادية التي قد تتكبدها أمريكا نتيجة لسياساتها في المنطقة، وذلك لإقناع الرئيس التاجر الذي يؤمن بمبدأ "أمريكا أولًا" بإعادة تقييم حساباته في المنطقة والتعامل معها بمنطق المصالح والمنافع المتبادلة، بعيدًا عن المعتقدات والقناعات الأيديولوجية الجامدة.
تؤكد جميع الدلائل أن الرجل قد تغير تبدلًا كبيرًا عما عرفناه خلال ولايته السابقة. فقد نضجت ميوله السياسية، وتعمقت قناعاته، وتبلورت مفاهيمه. فالرئيس ترمب لا يسعى فقط لإعادة انتخابه لفترة رئاسية أخرى، بل يركز برنامجه السياسي بشكل أساسي على شعار "أمريكا أولاً". وهذا يعني أن أمريكا لن تكون ملزمة بالتقيد بالقانون الدولي أو بالاتفاقيات الدولية التي قد تؤثر سلبًا على مصالحها، طالما أنها لا تحقق فائدة آنية وفورية لأمريكا، حتى لو كانت هذه الاتفاقيات تحمل في طياتها منافع مستقبلية محتملة.
يقودنا المنطق السياسي الرصين إلى استنتاج مفاده أنه لا يمكن فهم سياسات أي رئيس أمريكي بمعزل عن المدارس الفكرية للسياسة الخارجية الأمريكية الراسخة، والتي تستند إليها السياسات الأمريكية وتتحرك في فلكها. فهذه المدارس الفكرية الأربع المعروفة ترسم الخطوط العريضة للسياسات الأمريكية الخارجية. وقد سبق لي أن أشرت إليها بالتفصيل في مقال سابق بعنوان "السياسة الأمريكية".
لقد ظهر الرئيس المنتخب دونالد ترمب في ولايته الأولى وخلفه صورة الرئيس الأمريكي الراحل جاكسون، صاحب المدرسة الجاكسونية التي ترفض أفكار مدرسة هاملتون ومدرسة جيفرسون، وتميل نسبيًا إلى مدرسة ويلسون مع بعض الاختلافات الجوهرية. وتركز المدرسة المدرسة الجاكسونية على فكرة الانعزال والاهتمام بالمواطن الأمريكي الأبيض البروتستانتي، وتؤمن بعلاقات دولية تحقق مصالح الشعب الأمريكي أولًا، وتدعو إلى استخدام القوة المفرطة، وتحارب الهجرة والقيود الدولية، وتسعى إلى إقامة علاقات دولية تعود بالنفع على أمريكا دون الانخراط في تحالفات طويلة الأمد أو إيجاد حلفاء دائمين. لهذا، أرى أن الرئيس المنتخب في ولايته الثانية سيكون أكثر ميلًا والتزامًا بالمدرسة الجاكسونية.
يصعب التكهن بقرارات الرئيس ترمب، لأن ذلك يخدم مصالحه وسياساته التي يتبناها، ويجعل خصومه وأصدقاءه على حد سواء في حيرة دائمة من أمره. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخطاب الشعبوي الذي يعتمده الرئيس ترمب غير مرحب به لدى الأكاديميين والسياسيين التقليديين، إلا أنه خطاب فعال للغاية، وهو أحد الأسباب الرئيسية التي ساهمت في نجاحه في الانتخابات.
إن المتفائلين بقدرة ترمب على إيجاد حلول لمشاكل منطقة الشرق الأوسط بالشكل الذي تطمح إليه شعوب المنطقة بحاجة ماسة إلى مراجعة دقيقة للعقيدة الجاكسونية التي يؤمن بها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. وعليهم أن يسألوا أنفسهم سؤالًا جوهريًا: ما هو السبب الذي قد يدفع الرئيس ترمب إلى تغيير قناعته الشخصية الراسخة بأمن دولة إسرائيل وتوسعها، سواء في الجولان أو في الضفة الغربية، وهو الذي اعترف بالقدس عاصمة للكيان المحتل في ولايته السابقة؟ فالكيان الصهيوني يمثل امتدادًا للنفوذ الأمريكي في المنطقة، ويدعم بقوة خطة أمريكا في إضعاف دول المنطقة والسيطرة على مقدراتها وثرواتها.
إن ترمب، المنتصر الأكبر في الانتخابات، والذي يحظى بدعم أغلبية ساحقة من حزبه في كلا مجلسي الكونجرس (النواب والشيوخ)، قادم بفريق عمل يثير الجدل والانقسام. كما أن موضوع إرثه السياسي يظل مثارًا للجدل والانقسام، ويعتمد بشكل كبير على المنظور الشخصي والأيديولوجيات السياسية لكل فرد، سواء فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، أو التعامل مع قضية الهجرة، أو أسلوب التواصل والشعبوية. ويبدو أن النجاح الظاهر الوحيد الذي حققه يكمن في التعيينات القضائية لثلاثة قضاة محافظين في المحكمة العليا الأمريكية، مما أعطى المحكمة توجهًا محافظًا قد يستمر لسنوات قادمة.
إن بوليصة التأمين الحقيقية للمنطقة تكمن في إظهار حجم الخسائر الاقتصادية التي قد تتكبدها أمريكا نتيجة لسياساتها في المنطقة، وذلك لإقناع الرئيس التاجر الذي يؤمن بمبدأ "أمريكا أولًا" بإعادة تقييم حساباته في المنطقة والتعامل معها بمنطق المصالح والمنافع المتبادلة، بعيدًا عن المعتقدات والقناعات الأيديولوجية الجامدة.